الدقائق الأخيرة في حياة الرسول صلي الله علية وسلم!
عندما ارتفع قرص الشمس في
ذلك اليوم الربيعي.. حيث لم يكن كسابقيه, بل يومٌ سطرته البشرية جمعاء...
وضج بالبكاء.. وارتفع فيه بالدعاء.. وكان كربا وبلاء..
إنه اليوم الذي شهد توقف
أنفاس الرسول صلى الله عليه وسلم, وأودع فيه رسالته مؤذنا أنها عالمية, في
كل زمان ومكان باقية إلى يوم القيامة...
لقد عظمت مصيبتنا وجلّت عشية قيل قد قُبض الرسول.
فكم من يوم سالت فيه دموعه ...وكم من يوم آلمه جموعه ...
ومع ذلك كان لا يشفى غليله ..
ولا يسكن شوقه..
ولا ينطفئ أواره..
رغبة في لقاء ربه..
ثم انه أختار أحب الناس إليه...يملأ منها عينيه!!
فيشتفي من حديثها..
ويستطيب خاطرها..
رحمةٌ لضعفها..
وتصبيرا لقلبها..
وامتلاء من حبها..
أراك تزيد في عيني جمالاً *** واعشق كل يوم منك حالاً.
فدعا ابنته فاطمة عليها
السلام, فسارها بشئ فضحكت فسألناها عن ذلك فقالت: سارنى النبي صلى الله
عليه وسلم انه يقبض في وجعه الذي توفى فيه, فبكيت, ثم سارني فأخبرني أنى
أول أهل بيته يتبعه فضحكت!!
كان صلى الله عليه وسلم
يقول : انه لم يقبض نبي قط حتى يري مقعده في الجنة ثم يخبر , قالت : عائشة
فلما نزل به ورأسه على فخذي غشي عليه ساعة أفاق فأشخص بصره ثم قال: اللهم
في الرفيق الأعلى !!
قلت : إذا لا يختارنا,
وعرفت انه الحديث الذي كان يحدثنا به, فكانت تلك آخر كلمة تكلم بها النبي
صلى الله عليه وسلم (رواه البخاري) فهكذا كان شوقه إليه لا ينقطع..وأي
وصال سواه لا يقنع!!
فلما حان اليوم الموعود
وأشتد به وجع الموت, دخل صلى الله عليه وسلم بيت عائشة رضي الله عنها وقال
لنسائه: أهريقوا على ّ من سبع قرب لم تحلل أوكيتهن, لعلى اعهد إلى الناس
فأجلسناه في مخضب لحفصة ثم طفقنا نصب عليه من تلك القرب حتى طفق يشير بيده
ان قد فعلتن!
ثم خرج إلى الناس فصلي بهم
وخطب, ولما نزل به طفق يطرح خميصه له على وجهه فإذا اغتم كشفها عن وجهه,
وهو كذلك يقول:لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم (رواه
البخاري) وقالت عائشة رضي الله عنها:دخل عبد الرحمن بن ابي بكر على النبي
صلى الله عليه وسلم وأنا مسندته إلى صدري ومع عبد الرحمن سواك رطب يستن
به, فأحده رسول الله بصره, فأخذت السواك فقضمته وطيبته ورفعته إلى النبي
صلى الله عليه وسلم , فأستن به فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم
أستن استناناً أحسن منه فما عدا أن فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع
يده , أمر أصبعه ثم قال : في الرفيق الأعلى..في الرفيق الأعلى..في الرفيق
الأعلى !
ثم قضى (رواه البخاري)
وكانت تقول : مات بين حاقنتي وذاقنتي
فحبيبي منى وفيّ, وعندي *** فلماذا أقول مالي وما بيّ.