أراد أن يشكّك المسلمين في دينهم , فأصبح مسلمًا !
يقول
راوي القصّة : أنا شابٌّ فلسطيني , عمري 25 سنة , نشأتُ على النّصرانيّة ,
وكان أهلي يُحبُّونني حبًّا شديدًا وكانت كلّ طلباتي مجابة , وكانُوا
أيضًا حريصين على أن أذهب إلى الكنيسة كلّ يوم أحد من أجل الصّلاة فيها .
وعندما كبرْتُ , تعرَّفتُ على مجموعة من الشّباب النّصارى مثلي , فكنّا
نذهب إلى الكنيسة بانتظام , وهناك كنّا نجتمعُ بأحد القساوسة لكي
يُعلِّمنا أمور ديننا .
وفي
أحد الأيّام , قال لنا هذا القسّيس : مَن مِنكُم يُحبُّ يَسُوع (عيسى عليه
السّلام) ؟ فصاح كلُّ واحد منّا : أنا , أنا ! فقال : إنّ مَن يُحبّ شخصًا
يجبُ أن يُدافع عنه . فقلنا : بالتّأكيد يجبُ أن ندافع عنه لأنّه الرَّبُّ
المُخَلِّص ! فقال : إنّ المسلمين لا يُحبُّون يَسوع . ثمّ أخذ يشرحُ لنا
كيف أنّ الإسلام يَدعُو إلى كُرْه المسيحيّة , وأنّه دينُ إرهاب ويجبُ
علينا أن نُحاربهُ بكلّ الطُّرُق والوسائل . فقلتُ له : وكيف ذلك ؟ قال :
بسيطة , عندما ترونَ مسلمًا , اسألُوه أسئلة تُشَكِّكُه في دينه . ثمّ
أعطانَا كُتُبًا وقال لنا : ادْرُسُوها جيّدًا !
أخذتُ
الكُتُب وحملْتُها إلى بيتي , وقضَّيتُ اللّيلَ كلّه أقرأها حتّى حفظتُ
مُعظَم الشُّبُهات التي تجعلُ أيَّ مسلم يَشُكُّ في دينه . وبعد ستّة أشهر
من القراءة والدّراسة أنا وأصدقائي , قرَّرنا أن نبدأ الحربَ على المسلمين
. فكُنّا نتعمَّد الذّهاب إلى المسجد الأقصى ونجلس بجواره نُناقش
المُصلِّين لِساعات طويلة . وكنّا أيضًا نُرسِلُ الرّسائل بالإنترنت إلى
العديد من المسلمين لكي نُشَكِّكهم في دينهم .
وفي
أحد الأيّام , وهذا اليوم أعتبره نقطة تحوّلي من الظّلام إلى النّور ومن
جُور الأديان إلى عدل الإسلام ومن عبادة العباد إلى عبادة ربِّ العباد ,
ذهبتُ أنا وأصدقائي كالعادة إلى المسجد الأقصى , فرأينا مجموعة من الشّباب
جالسين يقرءون القرآن . اقتربنا منهم , فإذا بهم يقرءون سورة النّور , عن
حادثة الإفك بخصوص السّيّدة عائشة رضي اللّه عنها (زوجة النّبيّ محمّد
صلّى اللّه عليه وسلّم) . فقلتُ لأصحابي : سوف ترونَ ما أنا فاعِلٌ بهؤلاء
المسلمين , سأجعلُهم يكرهون القرآن !
اقتربنا
من الشّباب أكثر , وقلتُ لهم : عفوًا على المقاطعة , أنا مسيحي وأريد أن
أعرف بعض الأشياء عن دينكم . فأجابني أحدُهم : ماذا تريد أن تعرف ؟ فقلتُ
: كيف كان وَجْهُ عائشة عندما تكلَّم عنها النّاسُ في المدينة واتّهمُوها
في شَرَفها ؟! فقال لي أحد أصحابي : من أين جئتَ بهذا السّؤال ؟! إنّكَ
فعلاً شيطان ! فتبسّم الشّابُّ المسلم وقال : كان وجهُها مثل وَجه مريَم
عندما أتَت قومها تَحمِلُه (أي تحمل عيسى عليه السّلام بعد أن وَلَدَتْه) !
صُدِمْتُ
بالإجابة , ولم أدْرِ بماذا أُرُدّ , فقلتُ : ولكنّهم اتَّهَموها بالزِّنا
, ولا أعرفُ إذا كانت شريفة أم لا ؟! فقال : يا هذا ! هناك امرأتان
اتُّهِمَتَا بالزِّنا وجاء القرآنُ ببَراءتِهِنّ : أمّا الأولى , أقصدُ
عائشة , فكانتْ متزوِّجة ولم تأتِ بِوَلَدٍ تحملُه , وأمّا الثّانية , وهي
مريم , فكانتْ عَزْباء وأتَتْ بِوَلَدها تَحملُه . فأيُّهما أقرب أن
نتَّهمها بالزِّنا ؟! لا أقصدُ بهذا الإهانة , ولكنَّنا نحن المسلمون
نحترمُ مريَم أكثر منكم , وإذا لَم تُصدِّقني فارجعْ إلى أناجيلكُم ,
وستجدُ فيها خُزعبلات وتخاريف لا أساس لها من الصّحّة . ثمّ أخذ
يُحدِّثُني بأشياء في الإنجيل صُدِمتُ بمعرفتها , ولم أكن أتخيّل أنّها
موجودة فيه !
شعرتُ
بالإهانة بين أصحابي , فأخذتُ أسبُّ الإسلام والنّبيَّ محمّدًا صلّى اللّه
عليه وسلّم . فقال لي الشّابّ : اسمع ! اسمي عبد المطّلب , سُبَّني أنا
ولا تَسُبَّ رسولَ اللَّه صلَّى اللَّه عليه وسلَّم ! صُعِقْتُ لهذا
الكلام , فقلتُ : سوف أعود إليكَ مرّة ثانية وسنتَواجه . ثمّ رجعتُ إلى
بيتي وأخرجتُ الإنجيل أبحثُ فيه , فوجدتُ أنّ كلّ ما ذكره الشّابّ صحيحًا
. فتساءلتُ في نفسي : هل يُعقَل أن يكون هذا كلامُ اللّه ؟! أين كان عقلي
؟!
بعد
أيّام , اتَّصلتُ بعبد المطّلب , فشرح لي الإسلام , فوجدتُه دينًا مختلفًا
تمامًا عمّا كنتُ أسمعُ عنه , فأسلمتُ للّه ربّ العالمين , وأبدلتُ اسمي :
من أنطوان إلى عبد اللّه .