الأدلة
على إثبات صفة العين لله عز وجل
السؤال: هل في تفسير قوله تعالى "ألم يعلم بأن الله يرى" دلاله أن
لله عيناً ؟ وإن لم تكن كذلك ، فهل لله عين؟ وهل يوجد دليل ثابت على
ذلك؟
الجواب :
الحمد
لله
أولاً :
مذهب أهل السنة والجماعة
إثبات صفة العين لله عز وجل ، على وجه يليق به سبحانه ، كما قال تعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) الشورى
: 11 .
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله : " مذهب أهل السنة والجماعة
: أن لله عينين اثنتين ، ينظر بهما حقيقة على الوجه اللائق به ، وهما من الصفات
الذاتية " انتهى من "مجموع فتاوى ابن عثيمين" (4/58) .
ثانياً :
دلت النصوص من الكتاب والسنة على إثبات صفة
العين لله عز وجل :
أما الأدلة من الكتاب
:
1. قال تعالى : (وَاصْنَعِ الْفُلْكَ
بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) هود : 37 .
ثبت عن ابن عباس رضي الله
عنهما في قول الله تعالى : (واصْنَعِ الفُلْكَ بِأَعْيُنِنا)
، قال : بعين الله تبارك وتعالى ، رواه عنه البيهقي في "الأسماء والصفات"
(2/116) .
قال ابن جرير الطبري رحمه الله : " وقوله :
(بأعيننا) ، أي : بعين الله ووحيه كما يأمرك " انتهى .
2. قال تعالى
: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي وَلِتُصْنَعَ
عَلَى عَيْنِي) طه : 39
3. قال تعالى : (وَاصْبِرْ لِحُكمِ رَبِّكَ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا) الطور :
48
وأما الأدلة من السنة ؛ فمنها ما
رواه البخاري (6858) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال :
قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( إن الله لا يخفى عليكم ، إن
الله ليس بأعور - وأشار بيده إلى عينه - وإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن
عينه عنبة طافية ) .
قال ابن خزيمة رحمه الله – بعد ذكره للنصوص
السابقة - : " فواجب على كل مؤمن أن يثبت لخالقه وبارئه ما ثبَّت الخالق البارئ
لنفسه من العين ، وغير مؤمن من ينفي عن الله تبارك وتعالى ما قد ثبَّته الله في
محكم تَنْزيله ببيان النبي صلى الله عليه الذي جعله الله مبيِّناً عنه عَزَّ وجلَّ
في قوله : ( وَأَنزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ
لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ) ، فبين النبي صلى الله عليه وسلم أن لله
عينين ، فكان بيانه موافقاً لبيان محكم التَنْزيل ، الذي هو مسطور بين الدفتين ،
مقروء في المحاريب والكتاتيب " انتهى .
"كتاب التوحيد" (1/64)
.
ثالثاً :
أما قوله تعالى :
(ألم يعلم بأن الله يرى)
، فلا تدل على إثبات صفة العين ، بل هي دالة على إثبات صفة الرؤية
والبصر لله سبحانه وتعالى ، وأما إثبات العين ، فهو أمر زائد على ذلك ، يرجع فيه
إلى النصوص الواردة في الباب .
قال ابن كثير رحمه الله : " أما علم هذا
الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه ، وسيجازيه على فعله أتم الجزاء " .
انتهى من "تفسير ابن كثير" (4/646) .
وقد ذكر البيهقي رحمه الله : قوله
تعالى : (ألم يعلم بأن الله يرى) في نصوص إثبات
الرؤية والبصر له سبحانه . انتهى "الأسماء والصفات" (1/461) .
قال الشيخ
محمد بن عثيمين رحمه الله : " والعين لله سبحانه وتعالى هي عينٌ حقيقيةٌ ، ودليل
ذلك أن الله أثبتها لنفسه في غير موضع ، وأثبت الرؤية في غير موضع ، وإثبات هذا
تارة وهذا تارةً يدل على التغاير بينهما ، فالرؤية شيءٌ ، والعين شيءٌ آخر ، فقوله
تعالى : (وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ
وَرَسُولُهُ) التوبة/105 ، وقوله : (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى)
العلق/14 ، فهاتان في الرؤية .
ولكن :
(تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا) القمر/14 ، وقوله : (وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي) طـه/39
، فهاتان الآيتان ليستا في الرؤية ، بل أثبتتا عيناً مخالفةً للرؤية ، ولهذا
نقول : إن العين صفةٌ حقيقيةٌ "
انتهى من "شرح العقيدة السفارينية"
.
والله أعلم
مصدر: موقع سؤال و جواب لفضيلة الشيخ صالح
المنجد