أمن الفرد في المجتمع المسلم :
يكفل الإسلام في تشريعه الإلهي لكل البشر العيش في سلام .
فالمجتمع المسلم ، هو مجتمع آمن لكل الذين يعيشون فيه
، وقد سبق الحديث عن الوثيقة النبوية ، وكيف نظمت علاقات الطوائف
والجماعات التي تقيم في أول مجتمع مسلم في المدينة المنورة ، وتضمنت هذه
الوثيقة أمرين مميزين ، لم تُسبق إليهما :
الأمر الأول :
أنها أول تنظيم لحقوق المخالف في الدين أو العرق أو الإقليم أو اللون ، ولم يكن ذلك معهوداً في النظم البشرية القديمة قبل الإسلام .
إذ كانت هذه النظم ، تفترض عداوة الأجنبي والمخالف ، وتعامله على هذا الأساس .
وذلك ثابت في المجتمع الروماني الذي كان يخص الرومان
بقانون ، ويجعل لغيرهم من المقيمين على الأرض التي تخضع لسلطانهم قانونًا
آخر ، هو : "قانون الشعوب" . ولم يكن للأجنبي الذي يفد إلى الأرض
الرومانية حق ، بل كان يفترض أنه قاصد للشر .
ولم يكن الحال أفضل من ذلك في حضارة الإغريق أو الفرس .
الأمر الثاني :
أن الوثيقة النبوية ، جعلت الأساس في بنودها ، تحقيق
الأمن والسلامة للجميع ، بل والتعاون في مجالات الحياة ، وفرضت حرمة النفس
والعرض والمال بين أفراد المجتمع ، فلا تُمس إلا بحق ، ولا يمر انتهاكها
دون جزاء .
فالمجتمع المسلم ، يتمتع فيه غير المسلم - المخالف في
الدين أو العرق أو اللون - بحق الأمان ما دام محافظاً على العهد مع
المجتمع المسلم ، الذي ينكر التفرقة العنصرية ويدينها .
ومنذ وقت مبكر بحث الفقهاء المسلمون حقوق المخالف في
الدين ، حين يعيش في المجتمع المسلم ، سواء أكانت إقامته دائمة أم مؤقتة ،
ولم يكن ذلك محل بحث في النظم القانونية السائدة .